الخامس عشر أو أول القرن السادس عشر، وقد وجدت في جو مسيحي خالص، فلا مظنة لأن تكون مدخولة عليهم.
فأول من عثر عليها في خزانة كتبه رئيس ديني خطير. وكاشفها راهب، ولما تداولتها الأيدي انتقلت إلى مستشار مسيحي من مستشاري ملك بروسيا، ثم آلت إلى البلاط الملكي بفيينا فلا مظنة لأن تكون مدخولة عليهم، وهي منسوبة لقديس من القديسين هو برنابا ولم يعرف بهذا الاسم سواه، له مثل مكانته الدينية. ولقد كان وجود إنجيل له أمرا معروفاً بين العلماء بهذا الدين. فهذا فرامينو يقول إنه أطلع على رسالة لاربانوس يستنكر ما كتب بولس مستشهداً على استنكاره بإنجيل برنابا.
ويذكر التاريخ أن هناك أناجيل كثيرة حرمت قراءتها الكنيسة - كما أشرنا من قبل، ويقول الدكتور سعادة:"يذكر التاريخ أمراً أصدره البابا جلاسيوس الأول الذي جلس على الأريكة البابوية سنة ٤٩٢ ميلادية يعدد فيه أسماء الكتب المنهي عن مطالعتها، وفي عدادها كتاب يسمى إنجيل برنابا، ويذهب بعض العلماء المدققين إلى أن أمر البابا جلاسيوس المنوه عنه إنما هو برمته تزوير".
ولكن التاريخ اصح وأصدق من قول هؤلاء العلماء، وإن كانوا محققين، فأقول العلماء والمؤرخين تترى في تحريم قراءة أناجيل كثيرة. فإذا فعل ذلك البابا جلاسيوس فقد سار على سنة إسلامه، وجرى على سنته من بعده أخلاف، وإذا صح ذلمك الأمر - كما يشهد التاريخ، وكما تنبئ عنه المقدمات والنتائج، فإن إنجيل برنابا كان معروفاً متداولاً قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكثر من قرنين.
وزعم الدكتور سعادة بأنه لو كان معروفاً في ذلك الإبان لعرفه النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتج به، أو أخذ منه - زعم باطل - لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ولم يقم في البلاد التي سادتها المسيحية آمادا تمكنه من المعرفة والإطلاع، ولأن مضى قرنين من الزمان بعد التحريم يجعل التحريم ينتج أثره، فيخفي ما كان ذائعاً، ويدفن ما كان معلوماً مشهوراً فمائتان من السنين تكفي لطمس الموجود، وتعقبه آثار المفقود.