للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأما عن دمشق وغيرها من المدن الشامية فقد كانت تسمى - آنذاك - نيابات، يحكم كل منها نائب السلطنة، وهو سلطانٌ - في حقيقة أمره - تابعٌ لسلطان مصر، له حاشيته، وأتباعه، ومماليكه، يقوم مقام السلطان في كافة شؤون نيابته، ويقوم الأمراء من حاشيته بخدمته كخدمة السلطان، وقد يطلق عليه اسم (ملك الملوك) (١)، ولكنه ليس مُطلق التصرف في كثير من النَّواحي (٢).

وقد عاصر الحافظ ابن كثير منذ ولادته وحتى وفاته: خمسة من الخلفاء العباسين، وخمسة عشر سلطانًا من المماليك البحرية، وعشرين نائبا تولّوا نيابة دمشق (٣).

ولم تكن الحياة السياسية في الشام، ودمشق - خاصة - مستقرة؛ فما كاد الناس يتخلصون من التَّتَار (٤) في وَقْعة مرج الصفر سنة (٧٠٢ هـ) (٥) حتى لاح لهم خطَر الصَّليبيين (٦) على الساحل الغربي من دمشق. وتفرُّد المماليك


(١) مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك لعاشور (ص: ٣٢٧ - ٣٢٨)، ابن كثير الدمشقي للزحيلي (ص: ١٥).
(٢) مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك لعاشور (ص: ٣٣٠).
(٣) مقدمة كتاب البداية والنهاية لابن كثير (١/ ١١).
(٤) التَّتار هم: فرعٌ من المغول، كانت لهم دولة مستقلة، سيطرت على المغول حقبة من الزمن، ثم جاء المغول بقيادة جنكيز خان فهزمهم وسيطر على دولتهم فعرفت تلك الدولة بعد ذلك بالمغول وليس التتار. المغول للصلابي (ص: ٢٧ - ٢٨).
(٥) وقعة مرج الصفر: هي معركة: (شَقْحب) أيضًا، كانت في عام (٧٠٢ هـ) بين جيوش المماليك بقيادة السلطان محمد قلاوون والمغول (التتار) بقيادة غازان، انتهت بهزيمة المغول وطردوا من الشام. البداية والنهاية لابن كثير (١٧/ ٢٢ - ٢٧) مصر والشام لعاشور (ص: ٢٢٥ - ٢٢٦).
(٦) الصليبيون هم: جيوش أوروبية مسيحية لاتينية (كاثوليكية)، ينتسبون إلى الحركة الصليبية التي أسسها أوربان أو أربان الثاني بابا الكاثوليك في القرن العاشر (١٠ م)، وروجوا لها بحجة تحرير الأراضي المقدسة في فلسطين من المسلمين، وهي في الأساس ذات مطامع اقتصادية واستعمارية في بلدان الشرق الإسلامي، وأول ما اتخذوا الصليب شعارا لهم كان في القرن الثاني عشر (١٢ م)؛ وقد خاض السلطان والقائد صلاح الدين الأيوبي حروبًا ضدهم، وهزمهم في معارك عدة، إلى أن استطاع تحرير بيت المقدس وبعض المدن الإسلامية؛ وبعد أن أجهدت الحرب الطرفين عقد صلاح الدين صلحًا مع قائد الصليبيين: الملك ريتشارد قلب=

<<  <   >  >>