كتاب مسند أبي بكر الصديق - لابن كثير

كتاب التفسير - [ومن تفسير سورة الأعراف] - ص: 527

تُحَيَّا بها لا يحِلُّ لنا أن نحيِّيكَ بها". قال: "كيف تحيَّتُكم فيما بينكم؟ ". قلنا: "السَّلامُ عليك". قال: "فكيف تحيون مَلِكَكُم؟ ". قلنا: "بها". قال: "وكيف يَرُدُّ عليكم". قلنا: "بها". قال: "فما أعظمُ كلامكم؟ ". قلنا: "لا إله إلا الله والله أكبر". فلما تكلَّمْنا بها، قال: والله يعلم (١) لقد تنفَّضت الغرفة حتى رَفَعَ رأسَهُ إليها، قال: "فهذه الكلمة التي قُلْتُموها حيث تنفَّضتِ الغرفة كلما قلتُموها في بيوتكم تَنَفَّضَتْ (٢) بيوتكم عليكم؟ ". قلنا: "لا، ما رأيناها فعلتْ هذا قَطُّ إلا عندك! ". قال: "لوددتُ أنكم كلما قُلتم تَنَفَّضَ كل شيء عليكم، وإني خرجتُ من نصفِ مُلْكي". قلنا: "لم؟ ". قال: "لأنه كان أَيْسَر لِشَأْنِها، وأَجْدَرَ (٣) أن لا يكونَ من أمرِ النُّبُوَةِ، وأنْ يكونَ من حِيَلِ (٤) النَّاس".

ثم سَألنا عما أرادَ، فأخبرناه، ثم قال: "كيف صلاتكم وصومكم؟ ". فأخبرناه، فقال: "قوموا" (٥)، فأمرَ لنا بمنزلٍ حسنٍ ونُزُلٍ (٦) كَثير، فأقمنا ثلاثًا، فأرسل إلينا ليلًا، فدخلنا عليه، فاستعادَ قولنا فأعدناه، ثم دعَا بشيء كهيئة الرَّبْعَةِ (٧) العظيمة، مُذهَّبةً، فيها بيوت (٨) صِغار، عليها أبواب، ففتح بيتًا وقُفْلًا،

---

(١) زادت في الأصل، غير موجودة في دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٨٧).
(٢) كذا في الأصل، وفي دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٨٧): (تنفض).
(٣) أجدر بها: من جدر، أي خليقًا بها، وأولى بها، ويقال: فلان جدير بذلك: خَلِيْق به. الصحاح للجوهري، مادة (جدر) (٢/ ٢٥٥)، لسان العرب لابن منظور، مادة (جدر) (٤/ ١١٩).
(٤) حيل: الحَيْل: القوة، والحِيْلة: الاحتيال. النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (حيل) (١/ ٤٦١)، لسان العرب لابن منظور، مادة (حيل) (١١/ ١٩٦).
(٥) زادت - هنا - في دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٨٨): (فقمنا).
(٦) نُزُل: من نزل، والنُّزْل في الأصل: قِرى الضيف. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (نزل) (ص: ٨٥٧)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (نزل) (٢/ ٧٣٢).
(٧) الرّبعة: من ربع، أي مربوع الخَلْق، لا بالطويل ولا بالقصير. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (ربع) (ص: ٣٥٧)، لسان العرب لابن منظور، مادة (ربع) (١/ ٣٠٧).
(٨) بيوت: من بيت، وهو: جمع بيت، والبيت: متاع البيت. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (بيت) (ص: ١١٩ - ١٢٠) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (بيت) (١/ ١٧٢).