للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العارفين إلى الاقتداء برسوله؛ بكثرة الثّناء عليهم في تنزيله, مثل قوله في التعظيم لهم والتبجيل: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوباً عِندَهُم فِي التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ} [الأعراف:١٥٧]. إلى غير ذلك من الآيات الكريمة, الشّاهدة لمتبعيه بالطريقة القويمة.

فلمّا وعت هذه الآيات آذان العارفين, وتأمَّلتها قلوب الصّادقين, حرصوا على الاقتداء به في أفعاله, والاستماع منه في أقواله, فكانوا له أتبع من الظّلم, وأطوع من النّعل: فعلّمهم أركان الإسلام وشرائعه وفرائضه ونوافله, وكان بهم رءوفاً رحيماً, وعلى تعليمهم حريصاً أميناً, كما وصفه ربّ العالمين, حيث قال في كتابه المبين: {لَقَد جَآءَكُم رَسُولٌ/ مِّن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَاعَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:١٢٨].

فلم يزل عليه الصلاة والسلام يرشدهم إلى أفضل الأعمال, ويهديهم إلى أحسن الأخلاق, ويلزمهم ما فيه النجاة والفوز في الآخرة, والسلامة والغبطة في الدنيا, من لزوم الواجب [والمسنون, ومجانبة المكروه, وترك الفضول, فلم يترك خيراً قطّ إلا أمرهم به] (١) ففعلوه, ودعاهم إليه فأجابوه, حتّى لم يكن شيء في زمانه من أعمال البرّ متروكاً, ولا منهجاً من مناهج الخير إلا مسلوكاً, فلمّا تمّ ما أراده الله تعالى برسوله من هداية أهل الإسلام, وبلّغ إلى الأنام جميع ما عنده من الأحكام؛ من العقائد والآداب والحلال والحرام, أنزل الله في ذلك تنصيصاً وتبييناً: {اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمْتُ عَلَيكُم نِعمَتِي


(١) ما بين المعقوقين ساقط من (أ).