للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قد سبقكم إلى هذا من الخلفاء الرّاشدين والعلماء الهادين!؟.

وإنما بلغنا أنّ أهل العلم يحبّون من علت همّته وظهرت فطنته, ويرغّبونه بأنواع التّرغيب, ويجعلون التّصويب له مكان التّثريب, فعكستم السنّة بالتّنفير عن الحديث, وخالفتم العادات القديم منها والحديث.

وإلى ههنا انتهى الجواب عن الجملة المتقدمة من كلامه, وهي الوجه الأوّل في إبطال الطريق إلى معرفة الحديث بتعذّر الإسناد الصّحيح منّا إلى المصنّفين من المحدّثين, ويتعلّق بتفاصيلها بحثان:

المبحث الأول: قال وفّقه الله: ((وذكر هذا كثير من العلماء -يعني تعسر معرفة الحديث- ومنهم الغزالي والرّازي)).

والجواب عليه: أنّه قصد الاستئناس بكلام العلماء بإظهار الموافقة لهم, فهيهات! فإنّه لا يوافقه على صرف الهمم عن طلب / الحديث عالم, ومقصد من أشار إليه من العلماء الذين منهم الغزالي والرّازي غير مقصد المعترض, فإنّهم قصدوا سقوط البحث عن رجال الأسانيد في الأعصار الأخيرة كما أشار إليه ابن الصّلاح, وخالفه النّووي, وغير واحد ممّن تقدّم ذكره (١) , وهم مع ذلك مقرّون ببقاء طريق المعرفة للحديث, والتعبّد به علماً وعملاً.

والمعترض قصد تحريم العمل بالأخبار, والمنع من التمسّك


(١) (ص/٦٧ - ٦٨).