للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقصى ما في الباب: أن ينقل إنكار ذلك عن بعض النّاس في بعض الأعصار, فذلك النقل في نفسه ظنّيّ نادر, واعتبار القدح بالنّادر الظّنّي في بعض الأعصار لا يقدح في إجماع أهل عصر آخر, فلا طريق إلى تكذيب مدّعي هذا الإجماع على اعتبار كثير من أهل العلم في طريق الإجماع, وقد رأينا كثيراً من أهل العلم يثبتون الإجماع السّكوتي بمثل هذا وبأقلّ من هذا.

البحث الحادي عشر: أنّ الظّاهر إجماع الشّيعة من الفقهاء أن من حلف بالطّلاق على صحّة أمر, وهو يظنّ صحّته, ولم ينكشف بطلانه لم يحنث, لأنّ الأصل بقاء الزّوجيّة, فلا تبطل (١) بمجرّد الاحتمال المرجوح, كما لو حلف بطلاقها إن (٢) خرجت من بيته, ولم يعلم خروجها, ولا علمت هي أنها خرجت, ولا ظنّا ذلك فإنّها لا تطلق.

ولهذا تأوّل النّواويّ تخصيص ((البخاري)) /بذلك بأنّ المراد: أنّه لا يحنث باطناً ولا ظاهراً, ولا يستحب له الاحتياط؛ لأنّ الأمّة تلقته بالقبول فهو معلوم الصّحّة بطريق نظريّ, هذا تأويل النّوويّ لمدّعي الإجماع (٣) , وليس هذا اختياره, فإنّ اختياره واختيار المحققين: أنّ ما تلقته الأمّة بالقبول يفيد الظّنّ ما لم يتواتر, وقد حكى النّواويّ القول الأوّل عن ابن الصّلاح ثمّ قال: ((وخالف ابن الصّلاح


(١) في (س): ((وتبطل)) وهو خطأ.
(٢) في (س): ((وإن))!.
(٣) ((شرح مسلم)): (١/ ٢٠ - ٢١).