التبيين, أو أنّه لم ينص على ذلك لم يخف مذهب القوم على طالبه, فالقوم مصرّحون بمذهبهم في مصنّفاتهم كما ترى الآن من الطريق الثّانية, والطّمع في تعمية مذهبهم ورميهم بما لم يقولوا يزري بصاحبه ولا يضر من رمي به.
/الطريق الثّانية: وهي المعتمدة المفيدة لمن يحبّ العلم المتواتر بمقصدهم في مذهبهم, وهي نقل نصوصهم من مصنّفات محقّقيهم الحافلة وتواليفهم الممتعة, فمن ذلك ما ذكره الفخر الرّازي في ((كتاب الأربعين في أصول الدين)) وفي كتابه ((نهاية العقول)) فإنّه ذكر ما معناه: إنّهم أربع فرق, فذكر في الكتابين أنّه يجمعهم القول بأنّ العبد غير مستقل بفعله, وذكر في ((النّهاية)) أيضاً أنّه يجمعهم القول بأنّ الاختيار للعبد في فعله كما سوف نوضح ذلك بالكلام على كلّ فرقة منهم فنقول:
الفرقة الأولى منهم: هم الجبرية الخلّص, وهم الذين يقولون: إنّه لا تأثير لقدرة العبد في الفعل ولا في صفة من صفاته, بل الله تعالى يخلق الفعل بقدرته, ويخلق [العبد](١) قدرة متعلقة بفعله, مقارنة في حدوثها لحدوثه, غير متقدّمة عليه, ولا مؤثّرة فيه ألبتة, وهذا قول الأشعري وأتباعه, وجماهير المحقّقين من المتأخرين على خلاف هذا, قال الرّازي في ((النهاية)) ما لفظه: ((قالت المعتزلة: لو كان فعل العبد موجوداً بقدرة الله تعالى ما حسن المدح والذّمّ والأمر والنّهي. ثمّ قال: اختلفوا في الجواب على طريقين: