للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في احتجاجه بهذه الآية الكريمة, وفي هذا القدر كفاية -إن شاء الله تعالى-.

الحجّة الثّانية: ممّا احتجّوا به: القياس على الكافر والفاسق المصرّحين, قالوا: فإنّ العلّة في ردّهما الكفر والفسق, وهي حاصلة في المتأوّلين, والجواب من وجوه:

الأوّل: أنّ هذا قياس مصادم للإجماع والدّليل العقلي, فلا يقبل وفاقاً, فإنّ كلّ واحد منهما يمنع منه.

الوجه الثّاني: أنّه مخصّص لكثير من الآيات القرآنية (١) والآثار الصّحيحة, وكلّ قياس على هذه الصّفة لم يلزم المصير إليه, بل يقف ذلك على حسب مذهب العالم في تجويز تخصيص العموم به, وعلى حسب قوّة العموم أو (٢) قوّة القياس أو ضعفهما, أو قوّة أحدهما وضعف الآخر.

الوجه الثّالث: أنّ التّعليل بالفسق غير مسلّم, وإذا لم تسلّم العلّة انهدم أساس القياس, وذلك أنّ الخصم ادّعى أنّ العلّة في قبول العدل: أنّ قبول منصب تعظيم وتشريف, والفاسق المتأوّل غير أهل لذلك, وعندي أنّ العلّة هي ظنّ الصّدق ورجحانه, والدّليل على ذلك وجوه:

الوجه الأوّل: قوله تعالى: ((واستشهدوا شهيدين من رجالكم)) [البقرة/٢٨٢] , فلو كانت العلّة مجرّد العدالة, وكونها منصباً شريفاً, مستحقّاً للتعظيم, مانعاً من قبول الرّدّ لما فيه من الاستهانة بالمردود


(١) في (س): ((الكريمة)).
(٢) في (س): ((و)).