تعالى في إقامة الحجّة عليهم بخلق العقول وبعثة الرّسول:((وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى)) [فصلت/١٧] وقال تعالى: ((وما كنّا معذبين حتى نبعث رسولاً)) [الإسراء/١٥] وقال تعالى: ((لئلا يكون للنّاس على الله حجّة بعد الرّسل)) [النساء/١٦٥].
فهذه الآيات الكريمة وأمثالها تعرّف السّنّي قيام حجّة الله تعالى على الخلق في إيضاح سبيل الحقّ, فيدعوهم إلى الله تعالى مقتدياً برسله الكرام -عليهم أفضل الصّلاة والسّلام- مكتفياً من البيان بما في القرآن, مقتصراً في الفرق بين الحقّ والباطل بالفرقان, يستصبح بنوره في ظلم الحيرات, ويمتثل مطاع أمره في:((فاستبقوا الخيرات)) [البقرة/١٤٨] ولا يتعدّى حدود نصحه في الإعراض عن الجاهلين والمجانبة للخائضين في آيات ربّ العالمين.
إخواني! فلا يستخفّنكم الذين لا يوقنون, ولا يستهوينّكم الذين يسمّون المؤمنين بالسّفهاء ألا إنّهم هم السّفهاء ولكن لا يعلمون, ولا يطيشنّ (١) وقاركم الذين يسخرون منكم, سخر الله منهم ولهم عذاب أليم, فقد استهزأوا قبلكم بجميع الأنبياء والمرسلين وسائر المؤمنين, وقد حكى الله عنهم أنّهم:((كانوا من الذين آمنوا يضحكون, وإذا مرّوا بهم يتغامزون, وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين, وإذا رأوهم قالوا إنّ هؤلاء لضآلّون)) [المطففين/٢٩ - ٣٢] فتأسّوا رحمكم الله بمن تقدّم من المؤمنين في الإعراض عن المستهزئين: ((الله يستهزئ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون, أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت