وقد أورد المعترض في الحديث ما ليس منه, فروى عن آدم - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال -بعد ذكر تقدير الله ذلك عليه-: ((وخلقه فيّ قبل أن يخلقني بألفي عام)) , وأوهم المعترض أنّ هذه الرّواية في الصّحاح, والصّحاح برئية من هذا الإفك, فخلق المعصية في آدم قبل أن يخلق محال, والشيء لا يكون ظرفاً لغيره في حال العدم, وكم بين هذه الرواية وبين ما ثبت في دواوين الإسلام!!.
الحديث السّادس: حديث موسى وملك الموت -عليهما السلام-, وقد جعله المعترض ختام الأحاديث التي لا يمكن تأويلها, لمّا لم يعرف وجه ما ورد فيه من لطم موسى للملك -عليهما السلام- حين جاء الملك ليقبض روحه الشّريفة, وعن هذا الحديث جوابان: معارضة وتحقيق.
أمّا المعارضة: فإنّه قد ورد في القرآن العظيم أنّ موسى أخذ برأس أخيه -عليهما السلام- يجرّه إليه, وذلك من غير ذنب علمه من أخيه, ولا دفع مضرّة خافها منه, وأخوه هارون نبي كريم بنص القرآن وإجماع المسلمين/, وحرمة الأنبياء مثل حرمة الملائكة, وقد بطش موسى بهارون بطشاً شديداً, ولهذا قال هارون متلطّفاً ومستعطفاً له: يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي, ولا برأسي, ولا تشمت بي الأعداء, فإن كان المعترض يكذّب القرآن فذلك حسبه من الكفران, وإن كان يتأوّل أفعال الأنبياء -عليهم السلام- على ما يليق حسب الإمكان, ويرجع فيما لم يمكن تأويله إلى الإيمان؛ فما باله لا يفعل مثل ذلك في الأحاديث الصّحيحة والسّنن المأثورة؟ وما له والتقحّم في المهالك,