للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على تجويدها, قد شاركوا أهل الحديث في عدم ممارسة علم الكلام, وإن لم يشاركوهم في كراهة الخوض فيه, لكن علّة جمودهم, ورميهم بالبله في (١) عدم الممارسة؛ والممارسة للفنّ لا تحصل بعد كراهته, فأخبرنا هل مارس علم الكلام جميع أئمة الفقه؟ كمالك والشّافعيّ وأبي حنيفة, وأئمة العربيّة كالخليل وسيبويه, وأئمة اللّغة والقراءات والتّفسير, وسائر أئمة الفنون الإسلامية؟.

فإن قلت: كلّ أهل الفنون قد مارس علم الكلام, كانت مباهتة! وإن قلت: بعضهم قد مارس فكذلك بعض المحدّثين (٢) قد مارس علم الكلام, ولم ينفعهم ذلك عندك من جمود الفطنة, وداء البله, فلزم ذلك كلّ من شاركهم في هذا من أئمة العلوم الإسلامية, وما أقبح ما يجرّ إليه هذا الكلام من الكبر الفاحش!! فإن الكبر غمص النّاس, كما ورد في ((الصحيح)) (٣) وهذا غمص أئمة النّاس, ووجوه الخواصّ!.

الثّاني عشر: تصريك بوصم شيخ الإسلام, وإمام دار الهجرة: مالك بن أنس - رضي الله عنه - بأنّه جامد الفطنة؛ دليل على أنّك أنت جامد الفطنة, الطّويل البِطنة, وأنّك لا تدري ما يخرج من رأسك, ولا ما يطيش من دماغك, كأنّك لم تعلم أنّ الأمّة أجمعت على أنّه أحد أئمة المسلمين المجتهدين, وشيخ سنّة سيّد المرسلين, وأنّها خضعت


(١) في (س): ((هو)).
(٢) في (س): ((المحدثون بعض)).
(٣) أخرجه مسلم برقم (٩١) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.