ما ادّعاه لنفسه من الجهل ولا ننازعه, فإن ادّعى على أحد غيره أنّه يجب أن يشاركه في الجهل؛ لم يساعده على ذلك دليل من العقل ولا من السّمع, إلا أن يدّعي أحد مثل دعواه فنسلّم له /من الجهل ما ادّعاه, ومن أحبّ معرفة تواتر هذا الحديث فليطالع كتب أهل الحديث الحافلة الجامعة لطرقه الكثيرة وفوائده الغزيرة, ولا طريق إلى إقامة البرهان على التواتر إلا ما ذكرناه كما يعرف ذلك أهل الصّناعة, ولو كان إلى ذلك سبيل غير ما أشرنا لفتحنا أبوابها وذلّلنا صعابها.
وبعد, فكلام الفريقين في هذه المسألة معروف المواضع مكشوف البراقع, فاختصرنا التّطويل بنقل المعروف, وبيان المكشوف.
الحديث الرّابع: حديث خروج أهل التّوحيد من النّار, والشّفاعة لهم إلى الوهّاب الغفّار, وتمييزهم بذلك من بين الكفّار, فإنّ المعترض أنكر ذلك أشدّ الإنكار, ونظمه في سلك ما يجب تكذيب راويه من الأخبار, وبنى كلامه في ذلك على شفا جرف هار, وتوهّم أنّه في ذلك موافق لإجماع أهل البيت الأطهار, وخطؤه ينكشف بذكر فائدتين يتّضح بهما المذهب الحقّ المختار:
الفائدة الأولى: في تعريف المعترض أنّه قد جهل في ذلك مذهب أصحابه, وظنّ أنّ هذا المذهب مما يختصّ بالقول به خصومه, ولم يعلم أن ذلك مذهب مشترك بين السّني والشّيعي والمعتزلي والأشعري, فقد ظهر القول به في كلّ الطّوائف, واشترك في نصرته أجناس أهل المعارف, ونحن ننقل ما يدلّ على ذلك من مصنّفات