الوجه الخامس: أنّ هذا يؤدّي إلى جرح قبيلة من قبائل المسلمين, وهذا لا يصحّ عند أحد من أهل العلم, لأنّ العادة الغالبة تمنع من وجود [مثل ذلك](١) , ولهذا لم يقع إلى الآن من أوّل الإسلام.
الوجه السّادس: سلّمنا أنّ ذلك الجرح مانع من قبول الرّواية, فإنّما يستلزم ترك حديثهم, وترك حديثهم متيسّر غير متعسّر ولا متعذّر, فما وجه الاحتجاج بذلك على تعسّر معرفة الحديث وتعذّرها إذا تركنا حديث وفد تميم؟!.
الحجة الثّالثة: وفد عبد القيس, ولم أعلم وجه تخصيصهم بالذّكر؛ فإنّهم من جملة الأعراب, إلا أنّه ارتدّ بعضهم بعد الإسلام.
والجواب على ما ذكره من وجوه:
الأوّل: أنّ إسلامهم يقتضي قبول حديثهم ما داموا مسلمين؛ وردّتهم تقتضي ردّ حديثهم من حين ارتدوا, ولا مانع من ورود التّعبّد بهذا في العقل ولا في الشّرع المنقول بالتواتر المعلوم بالضّرورة معناه, بل قد بيّنّا فيما تقدّم قبول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن أسلم عقيب إسلامه, والدّليل عام لوفد عبد القيس ولغيرهم.
الثّاني: إمّا أن يكون المعترض أنكر قبولهم لأنّ من أسلم لا يقبل حتّى يخبر, أو لأنّهم ارتدّوا بعد الإسلام؟ إن كان الأول فلم خصّهم بالذّكر؟ ولم أنكر ذلك المذهب وقد بيّنّا أنّه قول الجمهور, وأنّه