للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى السّحر وطلب العيش في الدّنيا بالكذب على الله تعالى, ويسخرون منهم سخر الله منهم, ولهم عذاب أليم, ولا يعتقدون ثبوت النّار, ولا يخافون العقاب على ذنب من الذنوب, فهؤلاء نصّ المعترض على تنزيههم عن الكذب! وبالغ في المنع من ذلك في حقّ من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله, وجميع ما جاءوا به, وأقام أركان الإسلام وأحلّ الحلال وحرّم الحرام!! فهذا هو الكلام على الطّائفة الأولى من المتأوّلين الذين خصّهم بالذّكر, وتجاهل في رميهم بالجبر.

الطّائفة الثانية: المرجئة, وهذا لفظه فيهم قال: ((ولأنّ المرجئة والمجبّرة لا يرتدعون عن الكذب وغيره من المعاصي, أمّا المرجئة: فعندهم أنّهم مؤمنون, وأنّ الله لا يدخل النّار من في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان, وإن زنا وإن سرق, وإن قتل, والكذب أخفّ من ذلك.

أقول: حلّ هذه الشّبهة التي أوردها المعترض /في هذا الموضع متوعّر المسالك, بعيد الأغوار, دقيق المأخذ, ولم يورد في رسالته أعوص منها, وما أعدّ ما ألهمني الله تعالى إليه من الجواب فيها إلا من الفتوحات الرّبانية والألطاف الخفيّة, وإنّما قدّمت هذا قبل ذكر الجواب؛ لتكون معرفة الجواب عندك أيّها السّنّي بالمحل السّنِي (١) , وإنّما استوعرت مسلك الجواب عنها؛ لأنّ ما نسبه إليهم من المذهب حقّ, واستلزامه لعدم خوف الله تعالى أشبه شيء بالحقّ, ولا يميّز بين الحقّ, وما يعظم شبهه به إلا من أمدّه الله تعالى بألطافه, وبصّره من


(١) في (س): ((بالمحمل السّنّي)).