للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العلماء غير واحد, والسّاخر من الذّاهب إليهما من علماء الملّة الإسلامية متعدّ لحدود القوارع القرآنية, قال الله تعالى: {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُواْ خَيْراً مِنْهُم} [الحجرات:١١] ونحن نذكر كلّ واحدة من هاتين المسألتين ليظهر للنّاظر أنّه ليس في شيء منهما ما يوجب /السّخرية والاستهزاء بمن ذهب إليهما, أو عوّل عليهما:

المسألة الأولى: في وجوب التّرجيح أو جوازه في حقّ المميّز من طلبة العلم لا سيّما طلبة علم الحديث النّبويّ, فهذه مسألة قد ذكرها غير واحد من العلماء, وقد حكاه في ((مختصر المنتهى)) (١) عن أحمد بن حنبل, وابن سريج, وحكاه القطب الشّيرازي في الشّرح عنهما, وعن القفّال, وأبي حامد الغزّالي, وجماعة من الفقهاء والأصوليين وهو الذي اختاره المنصور بالله, واحتجّ على وجوبه في كتاب ((صفوة الاختيار)) , وهو ظاهر حكاية عبد الله بن زيد العنسيّ عن الزّيديّة في كتاب ((الدّرر)) , وهو الذي نصّ عليه المؤيّد بالله في كتابه ((الزّيادات)) فقال ما لفظه: ((فصل فيما يجب على العامّي والمستفتي, وما يكون الاشتغال به أولى من العلوم: عندي أنّ التّنقير والبحث واجب على العامّيّ, فإن كان ممن له رشد وثبت له وجه القوّة بين المسألتين أخذ بأقواهما عنده, وإن لم يكن له رشد فلابدّ أن ينظر إلى التّرجيح بين العلماء ويطلب ذلك)) إلى آخر كلامه.

وقال الإمام الدّاعي يحيى بن المحسن (٢) ما لفظه: ((من انتهى في


(١) (٣/ ٣٦٩) مع ((بيان المختصر)) للأصفهاني.
(٢) هو: يحيى بن المحسن بن محفوظ, الملقب بالمعتضد بالله, من أئمة الزّيديّة ت (٦٣٦هـ) , له كتاب في أصول الفقه اسمه ((المقنع)) منه نسخة خطية, ذكرها بروكلمان في ((تاريخ الأدب)): (١/ ٥١٠). انظر: ((الأعلام)): (٨/ ١٦٣) , و ((مصادر الفكر)): (ص/٦٠٠ - ٦٠١).