والجواب: أنّه مخصوص بالإجماع على ردّه, وهذا لا يبطل العلّة لأنّه تخصيص, وتخصيص العلّة جائز كما في تعليل وجوب القصاص بالقتل العمد العدوان, مع أنّه يخص من ذلك الأب إذا قتله ابنه عمداً عدواناً, فإنّه لا يقتل به قصاصاً, وإن كانت علّة وجوب القصاص قد وجدت فيه للدّليل الذي خصّه, ولابدّ للمخالف من تخصيص العلّة, فإنّ من علّل بالعدالة خصّص من العدول سيء الحفظ الذي خطؤه أكثر من صوابه.
وقد ذكرنا أنّ قوله تعالى:((أو آخران من غيركم)) [المائدة/١٠٦] حجّة ظاهرة على جواز تخصيص العلّة, على أنّ الشّيخ العلامة عزّ الدّين بن عبد السّلام قد روى خلافاً في قبول فاسق التّصريح المظنون صدقه, فروى عن الإمام الأعظم أبي حنيفة - رضي الله عنه -: أنّ فاسق التّصريح متى كان معروفاً بالصّدق مشهوراً بالأنفة العظيمة من رذيلة الكذب, بحيث أنه اختبر في ذلك وعرف منه أنّه يجتنبه كما يجتنب المؤمن الحرام قُبلت شهادته, ذكره في كتاب ((قواعد الأحكام في مصالح الأنام)) (١) وبه قال المنصور بالله من أئمة الزّيديّة, وشرط في جواز قبوله خلوّ الأرض -التي يقبل فيها- عن وجود أهل العدالة؛ لأنّه قاس ذلك على جواز قبول الكافر في السّفر عند عدم المسلمين.
واحتج سائر أهل العلم على المنع من قبول المصرّحين: بأنّ