للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه من المشقّة, قالوا: فلو خلّينا وقضيّة العقل, لم نقطع بوجوب ما هذه صفته, قال الجويني في ((البرهان)) (١) ما لفظه: ((والبرهان القاطع في بطلان ما صاروا إليه: أنّ الشّكر تعب للشّاكر ناجز, ولا يفيد المشكور شيئاً, فكيف يقضي العقل بوجوبه؟)) انتهى.

فإن قلت: قد خالفوا في وجوب شكر المنعم في الشّاهد عقلاً, فقد دفعوا الضّرورة العقلية.

قلت: ليس كذلك, فإنّهم يعرفون ما في الطّبيعة من استحسان الشّكر واستقباح نقيضه, وإنّما نازعوا في استحقاق الذّمّ عليه عاجلاً والعقاب آجلاً, وعلى فعل ما استقبحه العقل, مع اعترافهم أنّه صفة نقص لا تجوز على الله تعالى, ولهذا نصّوا: أنّ العقل يدرك تنزيه الله تعالى عن الكذب لأنّ الكذب صفة نقص, وإنّما موضع النّزاع فيما يستحقّه فاعل صفة النّقص عقلاً قبل ورود الشّرع, وهذا هو موضع الخلاف في مهمّات مواضع (٢) التّحسين والتّقبيح العقليين كما ذكره الرّازيّ من الأشعرية, والإمام يحيى بن حمزة من الزّيديّة ذكره في ((كتاب التّمهيد)).

الوهم الخامس عشر: وهم المعترض أنّ مذهبهم: القول بجوار تكليف ما لا يطاق وليس كذلك, فلم يذهب إلى هذا منهم إلا الأشعري والرّازيّ, على اختلاف شديد في (١نقل مذهب الأشعري


(١) (١/ ٩٤).
(٢) في نسخة ((مسائل)) كذا في هامش (أ) و (ي) , وفي (س).