للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي لا ريب فيه أنّه كان معصوماً قبل الوحي وبعده, وقبل التّشريع من: الزنا قطعاً, ومن الخيانة, والغدر, والكذب, والسّكر, والسّجود لوثن والاستسقام بالأزلام, ومن الرّذائل, والسّفه, وبذاء اللسان, وكشف العورة, ولم يكن يطوف عرياناً, ولا يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة, بل كان يقف بعرفة)). انتهى الكلام الحافظ الذّهبيّ.

فهذا ما تيسّر لي من نقل نصوصهم وقت تعليق هذا الجواب, مع البعد من ديارهم, وعدم التمكن من الاستمداد من سائر مصنّفاتهم, ومن الأخذ عن محقّقي علمائهم, وقد بان بهذا أنّ جلّة أئمّتهم نصّوا في كتبهم المتداولة بينهم على عصمة الأنبياء من تعمّد الصّغيرة, وهذا هو المنصوص لعياض في كتاب ((الشّفاء)) , وللرّازي في ((المحصول)) , وللنّواوي في ((الرّوضة)) , فبان بهذا أنّهم أكثر تنزيهاً للأنبياء -عليهم السّلام- من المعتزلة والزّيديّة, لأنّ مذهبهم تجويز تعمّد الصّغائر على الأنبياء -عليهم السّلام-, إلا [البغداديّة من المعتزلة] (١) فإنّهم يمنعون ذلك, لأنّ كلّ عمد كبيرة عندهم لا لتنزيه الأنبياء من تعمّد الصّغيرة, وإنّما أتي صاحب الرّسالة في رميهم بهذه الضّلالة من سببين:

السّبب الأوّل: أنّه رأى هذا المذهب منسوباً إلى الحشويّة فظنّ أنّ المحدّثين هم الحشويّة كما قد سمّاهم بذلك في رسالته, وليس عليه في مجرّد الجهل ذنب, فأكثر عامّة المسلمين لا يدرون من الحشويّة ولا يعرفون أنّ هذه النّسبة غير مرضيّة, وإنّما الذّنب الرّجم بالظّنون الكاذبة, والخوض مع أهل العلم بغير معرفة.


(١) في (أ): ((إلا البغداديّة من الزّيدية والمعتزلة)) والمثبت من (ي) و (س).