أهل النّحو واللّغة والفقه والتّفسير, فإذا كان الوهم مجوّزاً فأقل الحديث وهماً: كتب أئمة الحديث المنقّحة المصحّحة, التي حكم بعلوّ قدرها في الصّحة أئمة النّقد, وعكف الأفاضل على تحقيقها من قبل ومن بعد. وهذا القدر كاف في التّمهيد للجواب بذكر هذه المقدّمات.
ولنشرع الآن في الجواب, ونتكلّم على فصلين, أحدهما: في الجواب الجملي, وثانيهما: في طرف من المعارضات, فأمّا التّحقيق؛ فلا مكانه ولا زمانه ولا فرسانه ولا ميدانه.
أمّا الفصل الأوّل: فالجواب أنّ المعترض ذكر أحاديث معيّنة وذكر أنّه لا يصح لها تأويل, فنقول له: مرادك لا يصحّ لها تأويل في فهمك؟ فمسلّم ولا يضرّ تسليمه, أو مرادك لا يصحّ لها تأويل في علم الله تعالى, ولا في علم أحد من الرّاسخين في العلم؟ فهذا ممنوع لوجهين:
الوجه الأوّل: أنّ موسى كليم الله لما لم يعلم تأويل فعل الخضر - عليه السلام - لم يجب أن لا يعلمه الخضر, فإذا جاز على موسى الكليم - عليه السلام - أن يجهل ما علمه غيره؛ جاز على المعترض أكثر من ذلك.
الوجه الثّاني: أنّ الملائكة -عليهم السلام- ما عرفوا حكمة الله تعالى على التّعيين في استخلافه لآدم - عليه السلام - في الأرض, وسألوا الله تعالى عن ذلك فقالوا:((أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)) بالبقرة/٣٠] , فلم يخبرهم تعالى بوجه الحكمة على التّعيين, بل أجاب عليهم بالجواب الجملي فقال