للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعتزلة, والإجماع منعقد قبلهم وبعدهم على بطلان قولهم؛ فقد تبيّن بهذا أنّ المعترض شكّك في رجوع المسلمين إلى القرآن العظيم والسّنة النبوية, والله تعالى جعل الكتاب والسنّة النبويّة عصمة لهذه الأمّة, ولم يجعلهما عصمة للقرن الأوّل ولا للثّاني, فالمشكّك في هذا يجب عليه أن ينظر في الجواب حتّى على مذهب المعتزلة والزّيدية, فليس هذا يخصّ أهل الحديث, [لكن في إيراد المعترض لهذا الإشكال عليهم أعظم شهادة لهم بأنّهم أهل القرآن والحديث] (١) , الذين يذبّون عنهما ويحامون عليهما, والحمد لله والمنّة.

الوجه التاسع: قال الله تعالى في وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى, /إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:٣ - ٤] وقال فيما أوحاه إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩] , وهذا يقتضي أنّ شريعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تزال محفوظة, وسنته لا تبرح محروسة, فكيف ينكر هذا المعترض على أهل السّنة, ويشوّش قلوب الرّاغبين في حفظها, ويوعّر الطّريق على السّالكين إلى معرفة معناها ولفظها؟

فإن قال: فإنّه قد ورد على رفع العلم في آخر الزّمان, وذلك في حديث ابن عمرو بن العاص: ((إن الله لا يرفع العلم انتزاعاً ينتزعه, ولكن يقبض العلم بقبض العلماء, حتّى إذا لم يبق عالماً اتّخذ النّاس رؤوساً جهّالاً فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا)) (٢).


(١) ما بين المعقوقين ساقط من (أ) , وهو انتقال نظر.
(٢) أخرجه البخاري (الفتح): (١/ ٢٤٣) , ومسلم برقم (٢٦٧٣).