للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((الصّحيح)) , ذكر ذلك الذّهبيّ في ((الميزان)) (١) , وهذا يدلّ على أنّه لم يعتمد على ذلك الرّاوي الذي ضعّفه, لولا شواهد لحديثه ومتابعات.

وهذا من لطيف علم الحديث, ولذا قال الإمام النّووي (٢): ((إن من صحّح حديثاً على شرط مسلم لكون راويه من رواة صحيح مسلم؛ فقد وهم في ذلك)).

المحمل الرّابع: أن تكون رواية الإمام أبي حنيفة من قبيل تدوين ما بلغه من الحديث صحيحه وضعيفه, كما هو عادة كثير من مصنّفي الحفّاظ أهل السّنن والمسانيد, وغرضهم بذلك حفظ الحديث للأمّة لينظر في توابعه وشواهده, فإن صحّ منه شيء عمل به وإن بطل شيء حذّر من العمل به, وإن احتمل شيء الخلاف كان للنّاظر من العلماء أن يعمل فيه باجتهاده.

وفي الرّواية المشهورة عن البخاريّ أنّه كان حفظ ثلاث مئة ألف حديث, منها: مئتا ألف غير صحاح (٣).

وقال إسحاق بن راهويه (٤): أحفظ مكان مئة ألف حديث كأنّي أنظر إليها, وأحفظ سبعين ألف حديث صحيحة عن ظهر قلبي, وأحفظ أربعة آلاف حديث مزوّرة. فقيل له في ذلك؟ فقال: لأجل إذا مرّ بي منها حديث في الأحاديث الصّحيحة فليته فلياً.


(١) تقدّم ذكر بعض المواضع.
(٢) ((شرح مسلم)): (١/ ٢٦).
(٣) انظر: ((السير)): (١٢/ ٤١٥).
(٤) انظر: ((السير)): (١١/ ٣٧٣).