للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيّاش مع قول شعبة فيه: لأن أشرب من بول حمار حتّى أروى أحبّ إليّ من أن أقول: حدّثنا أبان بن أبي عيّاش, رواه شعيب بن جرير عنه, وروى ابن إدريس وغيره عن شعبه (١) أنّه قال: لأن يزني الرّجل خير من أن يروي عن إبان.

فإن قلت: فكيف روى عنه مع اعتقاده تحريمها؟.

قلت: إنّما أراد تحريم ذلك على من لا يعرف الحديث الباطل من غيره (٢) , وتحريم رواية العارف عن المتروكين في حضرة من لا يعرف واجب, فإنّ الثّوريّ نهى عن الرّواية عن بعض المتروكين, فقيل له: ألست تروي عنه؟ فقال إنّي أروي ما أعرف (٣).

وهذا من لطيف علم الحديث. وقد قدّمنا (٤) عن مسلم أنّه ربّما أخرج الإسناد الضّعيف لعلوّه واقتصر عليه, وترك إيراد الإسناد الصّحيح لنزوله, ومعرفة أهل الشّأن له, روى ذلك النّوويّ عن مسلم تنصيصاً كما تقدّم, وفيه دلالة على أنّ رواية العالم لحديث الرّجل الضّعيف لا تدلّ على جهله بضعفه.

وكذلك البخاريّ قد ضعّف هو بعض من روى عنه في


(١) تحرفت في (س) إلى ((شعيب)) ‍‍.
(٢) في (ي) و (س): ((الحق من الباطل)).
(٣) في هامش (ي) ما نصّه:
((يعني ما يعرف أنه حديث, وفي رواية عن سفيان أنه قال: أنا أعرف صدقه من كذبه. تمت شيخنا حفظه الله)).
(٤) (ص/١٦٧).