يكون قاطعاً في بعض المواضع فلا يصحّ ذلك ههنا لوجدان الفروق المانعة من ذلك, فإنّ بين الشّاهد والقاذف فروقاً كثيرة لا يصحّ معها القطع, ألا ترى أنّه يشترط في الشّاهد العدالة, ولا يشترط في القاذف, ويشترط العدد المخصوص في الشّهادة ولا يجب في القذف أن يكون القذفة أربعة, وإذا قذف أربعة رجلاً بالزّنا, وجب عليهم إقامة الشّهادة, ولو كانت الشّهادة قذفاً؛ لكان القذف من الشّهادة, ولو كان منها لتمّ نصابها بقذف أربعة ولم يجب عليهم إقامة شهادة, فثبت بهذا أنّ الشّاهد غير قاذف, وأنّ المسألة ظّنّيّة, إلا من ذهب إلى ذلك فإنّه يعمل بمقتضى مذهبه, من غير اعتقاد جرح, ولا اعتراض على من لم يوافقه في المذهب, على أنّ جرح القاذف الجاهل بتحريم القذف أو الموافق بإقامة الشّهادة مما يخالف القياس, فلا يقاس الشّاهد في مثل هذه الصّورة على النّصّ الوارد /فيه, على القول المنصور في الأصول.
الوهم السادس: توهّم المعترض أنّه هؤلاء (١) الشّهود الثّلاثة إذا لم يكونوا قاذفين وجب جرح المغيرة بالزّنا الذي أخبروا به, وظنّ أنّه لا مخرج من هذا السؤال, وليس الأمر كما توهّم, بل يجوز أن يصدقوا فيما شهدوا به من نكاح المغيرة لامرأة لم يعلموا أنّها له زوجة, ويجوز مع ذلك أن لا يجرح بذلك المغيرة لتجويز غلطهم في الشّهادة, فقد روى ابن النّحوي في:((البدر المنير)): أنّ المغيرة ادّعى