ضعيفة, وقد أوردتها في ((الأصل)) (١) وأضحت الجواب عليها, وأنا أورد هنا أقوى ما تمسّكوا به, وألوّح إلى جمل كافية في الجواب على ذلك.
فممّا احتجّوا به قوله تعالى:((يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة)) [الحجرات/٦].
قال المعترض: وهذا في معنى العموم كأنّه قال: إن جاءكم فاسق أيّ فاسق.
والجواب من وجوه:
الوجه الأوّل: أنّ المتأوّل لا يستحق اسم الفسوق في عرف العرب؛ لأنّه في عرف أهل اللّغة: الذي يتعمّد ارتكاب الفواحش تمرّداً أو خلاعة, وليس هو من يكفّ نفسه عن كلّ ما يعلم تحريمه أو يظنّه, ولا يفعل قبيحاً إلا بتأويل, وإذا لم يكن يسمّى فاسقاً في عرفهم لم تتناوله الآية, سواء كان يسمّى في وضع اللغة أم لا, لأنّ الحقيقة العرفية مقدّمة على الحقيقة اللّغوية, والذي يدلّ على ذلك العرف آيات كثيرة, منها: قوله تعالى في الكفّار: ((وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين)) [الأعراف/١٠٢] وقوله تعالى في المشركين: ((كيف يكون للمشركين عهد عند الله -إلى قوله- وأكثرهم فاسقون)) [التوبة/٧ - ٨] وقوله تعالى في اليهود: ((وأنّ أكثركم فاسقون)) [المائدة/٥٩] وهذه الآيات الكريمة دالّة على أنّ في المشركين وسائر الكفّار من ليس بفاسق, وقد فسّر الزّمخشري هذه