للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما (١) خصّ علم الحديث بالتّرسّل على من أخذ في تعلمّه وتعليمه والعمل به والدّعاء إليه؟

وهلا وضع المعترض كتاباً آخر [إلى] (٢) من أراد القراءة في فنّ من سائر الفنون؟

الوجه الخامس: أجمعت الأمّة على جواز إسناد ما في الكتب الصّحيحة إلى أهلها بعد سماعها على من يوثق به (٣) , والدّليل على ذلك: أنّ العلماء ما زالوا ينسبون في مصنّفاتهم الأحاديث إلى من أخرجها والأقاويل إلى من قالها, فيقولون في الحديث:

أخرجه البخاري وأخرجه مسلم, وكذلك سائر مصنّفي الحديث والفقه من غير نكير في هذا على الرّاوي عنهم, مع كثرة وقوع هذا منذ صنّفت/ هذه الكتب إلى هذا التاريخ, وذلك قريب من خمسمائة سنة, ما علمنا أنّ أحداً من المسلمين حرّم على من سمعها على الثّقات أن ينسب ما وجد فيها إلى مصنّفيها ولا شكّك, ولا حرّج في هذا.

حتّى إنّ هذا المعترض زعم أنّ البخاري مبتدع, بل كافر!! صانه الله عن ذلك! واحتجّ عليه بشيء نقله من صحيحه, يدلّ على أنّ البخاري يؤمن بالقدر, مع أنّ التكفير عند المعتزلة والزّيدية لا يجوز إلا بنقل متواتر, فكيف يحتجّ على البخاري بما في صحيحه وهو عنده لا يصحّ بطريقة ظنيّة؟ مع أنّ صحيحه ما اشتمل على ما يلزمه ما


(١) في (س): ((فلم)) , والمثبت من (أ) و (ي) و ((العواصم)).
(٢) من (ي) و (س) , وفي (أ): ((على)).
(٣) انظر: ((تدريب الراوي)): (١/ ٤٩٠) , و ((الإرشاد)): (١/ ٤١٩).