للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّوع الثّاني: مما قدح به على البخاريّ ومسلم: الرّواية عن بعض من اختلف في جرحه وتوثيقه, وقد ذكر النّووي في ((شرح مسلم)) (١) وذكر الجواب عنه بوجوه قد ذكرها أيضاً ابن الصّلاح (٢):

أحدها: أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده, ولا يقال: الجرح مقدّم على التّعديل؛ لأنّ ذلك فيما إذا كان الجرح ثابتاً مفسّراّ بسبب, وإلا فلا يقبل الجرح إذا لم يكن كذلك, وقد قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب البغداديّ وغيره: ما احتجّ البخاريّ ومسلم وأبو داود به من جماعة علم الطّعن فيهم من غيرهم محمول على أنّه لم يثبت الطّعن المؤثر مفسّر السبب. انتهى كلام النّوويّ.

قلت: فإن قيل: أليس قد ثبت في علوم الحديث أنّ الجرح الذي لم يفسّر سببه, وإن لم يجرح به لكنّه يوجب ريبة, فيجب التّوقّف عن قبول من قبل ذلك فيه, وعن ردّه؟.

فالجواب: أنّ ذلك إنّما يوجب الرّيبة في غير المشاهير بالعدالة والثّقة, وأمّا من وثّقه أهل الخبرة التّامّة من أئمّة هذا الشأن؛ فإنّ الجرح المطلق لا يزيل ظنّ ثقته, ومن زال عنه ظنّ ثقته بالرّاوي كان له ترك حديثه, ولم يكن له الاعتراض على من قبله ممّن لم يؤثّر ذلك في ظنّه لثقة الرّاوي وأمانته.


(١) (١/ ٢٥).
(٢) ((صيانة صحيح مسلم)): (ص/٩٤ - ٩٥).