للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عنها- أنّها قالت في حق ابن عمر: ((ماكذب ولكنّه وهم)). وقد صحّ عن عمر - رضي الله عنه - أنّه نسي حديث التّيمّم الذي رواه عمّار (١) ولم يذكره بالتّذكير مع أنّه مما لا ينسى [مثله] (٢) , ونسي أيضاً قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ} [الزمر:٣٠] حتّى ذكّره ذلك أبو بكر - رضي الله عنه - حين خطب بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

بل نصّ القرآن على جواز النّسيان على أهل رتبة النّبوّة الذين هم أعلى طبقات البشر, فقال تعالى: {وَمَا أَرسَلنَا مِنْ قَبلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيِّ/ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلقَى الشَّيطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلقِي الشَّيطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج:٥٢].

أي: إذا تلا ألقى الشّيطان في تلاوته على سبيل السّهو, ثمّ ينسخ الله ذلك, يعرّف الله (٤) الأنبياء والرّسل به, حتّى لا تبطل العصمة به عن الخطأ في التّبليغ. وقال سبحانه وتعالى في حقّ آدم - عليه السلام -: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه:١١٥] , ولو أردنا أن نستقصي ما ورد في هذا الباب لطال الكلام, والمقصود بهذا أن القدح على رواة الصّحاح بالتّهمة لهم (٥) بالوهم النّادر مما لا يقتضي جرحهم, ولا يقدح في حديثهم.


(١) أخرجه البخاري (الفتح): (١/ ٥٢٨) , ومسلم برقم (٣٦٨) , من حديث عمار - رضي الله عنه -.
(٢) من (ي) و (س).
(٣) أخرجه البخاري (الفتح): (٣/ ١٣٦).
(٤) سقطت من (س).
(٥) في (أ) و (ي): ((في)).