للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واضحة من صاحب الشّريعة, فلا يدخل في حكمهم من عرف مراتب الضّعف والقوّة في مآخذ أهل الفتوى إذا سمع الخلاف, وتعارضت عليه الأقوال, ووقع في حيرة الشّكّ, وظلمة التّعارض, فإنّه يجب على هذا الرّجوع إلى النّظر في الأمارات والمرجّحات حتّى يلوح له ما تطيب به نفس من رجحان ما هو عليه, وصحّة ما يذهب إليه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) (١) ولما قدّمنا من الأدلّة في ذلك, وسوف يأتي مزيد بيان لوجه الاحتجاج بهذا الحديث, وبيان معناه في مسألة قبول أهل التّأويل إن شاء الله تعالى.

النّظر الثّاني: أن المعترض قال في احتجاجه ما لفظه: ((إنه لم يعلم أحد من المقلّدين يتردّد (٢) بين مذاهب علماء (٣) الإسلام)) , وهذا منه احتجاج بإجماع العامّة, وليس يعتبر بهم في الإجماع مع المجتهدين فكيف بهم منفردين؟ وفي الحديث الصّحيح المتفق عليه


(١) أخرجه أحمد: (١/ ٢٠٠) , والنسائي: (٨/ ٣٢٧) , والترمذي: (٢/ ٥٧٦) , وابن حبان ((الإحسان)): (٢/ ٤٩٨) , والحاكم: (٢/ ١٣) , وغيرهم.
من طرق عن شعبة حدثني بُريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي قال: قلت للحسن بن علي: ما تذكر من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فذكره.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) اهـ.
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).
وصححه الألباني في ((الإرواء)): (٧/ ١٥٥).
وله شاهد من حديث أنس, وابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) في (س): ((يترددون)).
(٣) في (أ): ((أهل الإسلام)).