للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا كله -وأمثاله مما يطول ذكره- يردّ على من يتعنّت, ويقدح على كثير من العلماء بأشياء يسيرة لا تدلّ على تجرّيهم على تعمّد الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وقد قال الحاكم أبو عبد الله (١): ((إنّا نظرنا فوجدنا البخاري قد صنّف كتاباً في التّاريخ, جمع أسامي من روى عنهم من زمان الصّحابة إلى سنة خمسين (٢) , فبلغ عددهم قريباً من أربعين ألفاً, إلى قوله: ثم جمعت من ظهر جرحه من جملة الأربعين الألف فبلغ مائتين وستة وعشرين, فليعلم طالب هذا العلم أنّ أكثر الرّواة ثقات)) انتهى.

والقصد بهذا كلّه الذّبّ عن السّنن ورواتها, وبيان أنّ من تشدد منهم, فقد احتاط لنفسه والمسلمين, ومن ترخّص منهم, فقد عمل بمقتضى أدلة كثيرة, ووافق في عمله غير واحد من جلّة العلماء الأعلام, وخيار أهل الإسلام.

الوجه الثامن: أنّ هذا الإشكال الذي أورده هذا المعترض لا يختصّ بأهل السّنة ورواة الحديث, بل هو تشكيك في القواعد الإسلامية, وتشكيك على أهل الملّة المحمديّة, وذلك لأنّهم أجمعوا على حسن الرّجوع إلى الكتاب والسّنة في جميع الأحوال [على الإطلاق] (٣) وأجمعوا على وجوب ذلك على بعض المكلّفين في


(١) قريب من هذا النص في ((المدخل إلى الصحيح)) (ص/١١ - ١١٢) للحاكم, لكن الكلام ليس للحاكم, بل للماسَرْجسي ثم شرحه الحاكم.
(٢) أي: ومئتين.
(٣) من (ي) و (س).