للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتهجوه ولست له بكفءٍ ... فشرّكما لخيركما الفداء

الثالث عشر: أنّ أهل الحديث لم يختصّوا بترك تأويل آيات الصّفات, وأحاديث الصّفات, والإيمان بمراد الله تعالى منها (١) , والنّهي عن الخوض في الكلام, بل قد شاركهم في ذلك, وفي بعضه كثير من خواصّ علماء الكلام المشاهير بصفاء الأذهان, ولطافة الأفهام, وقد نقل النّوويّ ذلك عن جماعة من المتكلّمين, واختاره جماعة من محقّقيهم, هذا لفظ النّووي ذكره في ((شرح مسلم)) (٢) كما قدّمنا في الوهم التّاسع. (٣)

وقال الحجّة أبو حامد الغزّالي في كتاب ((الإحياء)) (٤) -وقد ذكر علم الكلام ما لفظه-: ((وأمّا منفعته فقد يظن أنّ فائدته كشف الحقائق, ومعرفتها على ما هي عليه, وهيهات, فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف؛ ولعلّ التّحبيط والتّضليل فيه أكبر من الكشف والتّعريف.

وهذا إذا سمعته من محدّث أو حشويّ ربما خطر ببالك أنّ النّاس أعداء ما جهلوا, فاسمع هذا ممن خبر الكلام ثمّ قلاه بعد حقيقة الخبرة وبعد الوصول (٥) إلى منتهى درجة المتكلّمين, وجاوز ذلك إلى


(١) في (ي) و (س): ((فيها)) , والسّلف فوّضوا الكيفية, أمّا المعنى فلم يفوّضوه. وانظر ما سبق (١/ ٣٠٢ - ٣٠٣).
(٢) (٣/ ١٩).
(٣) (١/ ٢٩٥).
(٤) لم أجده بنصّه في المظانّ, وهو بنحوه في ((الإحياء)): (١/ ٣٣ - ٣٥).
(٥) في (س): ((وبعد التغلغل فيه)).