للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدلّ على أنّه بعد انقراض هذه الطائفة.

ولا يعترض على هذا بأدلّة عصمة الأمة عن الضلالة لأنّه يحتمل أنّ هذا يكون بعد موت الأمّة, بل قد ورد معنى ذلك منصوصاً في الحديث الصحيح الذي فيه: ((إنّ الله يبعث ريحاً ألين من الحرير, لا تترك أحداً ممن في قلبه مثقال حبّة خردل من إيمان إلا توفّته)) (١) أو كما ورد, وذلك بعد ظهور المهدي ونزل عيسى, وأدلّة المعتزلة على ما يخالف هذا عامّة, وهذه الأدلّة أخصّ فوجب المصير إليها.

الوجه العاشر: لو فرضنا - والعياذ بالله- خلوّ الزّمان عن الحفّاظ الثّقات, والرّواة الأثبات لما تعذّر الرّجوع إلى السّنة العزيزة, وذلك لأنّ الكتب الصحيحة المتقنة موجودة في المدارس الإسلامية, والعمل بما في الكتب -التي عليها خطوط الثّقات الحفّاظ شاهدة بالصّحة- جائز عند كثير من أهل العلم, وهو الذي يقوى في النّظر ويظهر عليه الدّليل, بل هو الذي أجمع على جوازه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي, والعجب من المعترض كيف غفل عن ذلك! وهو قول أئمة الزّيدية والمعتزلة كما سيأتي, والعمل بهذا هو المعروف في علم الحديث بـ ((الوجادة)) (٢) , وهو أحد أنواع علوم الحديث, وقد ذكرها


(١) أخرجه مسلم برقم (٢١٣٧) مطوّلاً من حديث النّواس بن سمعان - رضي الله عنه -
(٢) عرّفها ابن الصلاح بقوله: ((أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه, ولم يلقه, أو لقيه, ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه ... )) اهـ
((علوم الحديث)): (ص/٣٥٨) مع ((المحاسن)).