للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والميل إلى متوعّرات المسالك, والقطع بتكذيب الرّواة, والمتابعة لبادىء رأيه وهواه؟.

فإن قال: إنّ موسى - عليه السلام - إنّما فعل ذلك غضباً لله تعالى؛ لأنّه ظنّ أن هارون قصّر في النّهي عما فعل قومه من عبادة العجل ومجاوزته للحدّ في الغضب لأجل مجاوزة فعلهم للحدّ في القبح, ولما بقي عليه من طبيعة البشر في الغضب, وقد ورد في ((الصّحيح)) (١) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهمّ إنّي بشر آسف كما يأسف البشر)) فكذلك موسى - عليه السلام -.

قلنا: هذا كلام صحيح, ولكن يجب أن نتطلب لما ورد في السّنّة وجهاً حسناً -أيضاً- كما تطلّبنا مثل ذلك لما ورد في القرآن العظيم, فنقول وهو التّحقيق: إنّ ذلك يحتمل وجهين:

الوجه الأوّل (٢): وهو المعتمد أن يكون الملك أتاه على صورة رجل من البشر, ولم يعرف أنّه ملك, مثل ما أتى جبريل - عليه السلام - إلى مريم البتول -رضي الله عنها- فتمثّل لها بشراً سويّاً ففزعت منه فقالت: إنّي أعوذ بالرّحمن منك إن كنت تقيّاً, ولو علمت أنّه جبريل الأمين لما استعاذت منه, فلمّا أتى ملك الموت إلى موسى


(١) تقدّم تحريجه.
(٢) في هامش (أ) و (ي) ما نصّه:
((هذا الجواب ذكره القرطبي في ((التذكرة)) , ونسبه إلى ابن خزيمة, ثم أورد عليه ما أشار السيد محمد -رحمه الله- إلى دفعه بقوله: فإن قلت إلخ ... )) تمت من خط القاضي العلامة محمد بن عبد الملك الآنسي -رحمه الله-.