يقبلهم من الزّيديّة قبل مرسل من قبلهم, فإنّه لا يعلم أنّ في الزّيديّة من لا يقبل حديث: المنصور, والمؤيّد, والقاضي زيد, وعبد الله بن زيد, ويحيى بن حمزة, ونحوهم ممّن صرّح بقبول أهل التّأويل, وادّعى الإجماع على جوازه كما سيأتي مفصّلاً محقّقاً -إن شاء الله تعالى-.
قال: ((هذا إذا كان النّاظر في الحديث مجتهداً, أمّا إذا كان غير بالغ رتبة الاجتهاد فليس له أن يرجّح بهذا الحديث قولاً ويجعله مختاره وإن كان الحديث نصّاً في ظاهر الحال, لأنّ التّرجيح بالخبر إنّما هو بعد كونه صحيحاً عن الرّسول, ولا يكون صحيحاً حتّى يكون راويه عدلاً, والعدالة غير حاصلة كما سنذكره)).
أقول: نفي العدالة عن رواة حديث الكتب الصّحيحة جهل مفرط لم يقل به أحد من الزّيديّة ولا من السّنّيّة, فقد بيّنّا إجماع أهل السّنّة على وجوب القبول لها, وإنّما يتعلّل هذا المعترض لمخالفتهم لمذهبه, وقد بيّنّا نصوص أئمة الزّيديّة على قبول مخالفيهم في الاعتقاد, ونقل مصنّفيهم في الحديث من كتب أئمة الحديث, ومجرّد المباهتة بإنكار الجليّات, وجحد المعلومات لا يطفىء نور الحق, ولا ينوّر دخان الباطل, بل يتميّز به المنصف من المتعسّف, والعارف من الجاهل.
وبمثل هذه الدّعاوى المعلومة الفساد, يفضح الله المستترين من أهل العناد, الذين يظهرون للعباد أنّهم دعاة (١) إلى السّداد, وأدلّة على
(١) في (س): ((دعاة لهم))!.