للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعظات, والتنبيه بالكلم الموقظات, زعم صاحبها أنه من النّاصحين المحبين, وأنّه أدّى به ما عليه لي من حقّ الأقربين, وأهلاً بمن أهدى إليّ (١) النصيحة, فقد جاء الترغيب إلى ذلك في الأحاديث الصحيحة, وليس بضائر إن شاء الله ما يعرض في ذلك من الجدال, مهما وزن بميزان الاعتدال, لأنه حينئذ (٢) يدخل في السّنن, ويتناوله أمر: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥] وقد أجاد من قال وأحسن:

وجِدَالُ أهلِ العلمِ ليس بضائرٍ ... ما بينَ غَالبهم إلى المَغلُوبِ

بيد أنّها لم تضع تاج المرح والاختيال, وتستعمل ميزان العدل في الاستدلال, بل خلطها من سيما المختالين بِشوب (٣) , ومالت من التّعنّت في الحجاج إلى صوب, فجاءتني تمشي الخطراء, وتميس في محافل الخطراء, مفضوضة لم تختم, مشهورة لم تكتم. متبرّجة قد كشفت حجابها, وطرحت نقابها, وطافت على الأكابر, وطاشت إلى الأصاغر, حتّى مضّت أيدي الابتذال نُضارتها, وافتضّت أفكار الرّجال بكارتها, وإنّ خير النَّصائح الخفيّ, وخير النُّصاح الحفيّ, وخير الكتاب المختوم, وخير العتاب المكتوم.

ثم إني تأملت فصولها وتدبّرت أصولها, فوجدتها مشتملة على


(١) في (ي): ((لي)) , وفي (س): ((ممن أبدى النصيحة)).
(٢) في ((الأصل)) و (ي) حرف: ح, اختصاراً لكلمة (حينئذ) وهذا الاختصار مستعمل عند متأخري النساخ, انظر مثلاً في: ((مجموع رسائل الملا علي القاري)) نسخة عارف حكمت, ونسخة ((ترتيب العلوم)) لساجقلي زاده.
(٣) في (ي): ((شوب)).