للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أهل العلم /والفتوى, والورع والتّقوى, فكيف يجترىء هذا المعترض, ويجوّز عليهم أنّهم تطابقوا على الاستناد إلى عامّي جاهل لا يعرف أنّ الباء تجرّ ما بعدها, ولا يدري ما يخرج من رأسه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ما هذا إلا كلام عامّي أو أعمى, يخبط من الجهل في ظلماً.

وهبك تقول هذا الصّبح ليل ... أيعمى العالمون عن الضّياء (١)

وأمّا ما قدح به على الإمام أبي حنيفة من عدم العلم باللّغة العربيّة فلا شكّ أنّ هذا كلام متحامل, متنكّب عن سبيل المحامل, فقد كان الإمام أبو حنيفة من أهل اللّسان القويمة (٢) واللّغة الفصيحة.

وليس بنحويّ يلوك لسانه ... ولكن سيلقيّ يقول فيعرب

وذلك لأنّه أدرك زمان العرب, واستقامة اللّسان, فعاصر جريراً والفرزدق, ورأى أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّتين, وقد توفّي أنس بن مالك سنة ثلاث وتسعين من الهجرة (٣) , والظّاهر أنّ أبا حنيفة ما رآه وهو في المهد, بل رآه بعد التّمييز, يدلّ على ذلك


(١) البيت لأبي الطّيّب المتنبّي ((ديوانه)): (١/ ١٠) مع شرح العكبري والرواية فيه: وهبني قلت ...
وتكرر الشطر الأول في (أ).
(٢) في (ت): ((القوية)) وفي (س) ((القديمة))!.
وانظر ((العواصم)): (٢/ ٨٦).
(٣) في هامش (ي) ما نصّه:
((أو قريب من هذا, وذكر العيني وغيره: أنّ أبا حنيفة -رحمه الله تعالى- رأى ستة من الصحابة, واختلفوا في الأخذ عنهم)).