للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّ (١) أبا حنيفة كان من المعمّرين, وتأخّرت وفاته إلى سنة خمسين ومائة, وقد جاوز التسعين (٢)

من العمر, وهذا يقتضي أنّه بلغ الحلم, وأدرك بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدر الثّمانين [سنة] (٣) لأنّه - عليه السلام - توفّي بعد مضي عشر من الهجرة, وهذا يدلّ على تقدم أبي حنيفة وإدراكه زمان العرب, وهو أقدم الأئمة وأكبرهم سنّاً, فهذا مالك على تقدّمه توفّي بعده بنحو ثلاثين سنة, ولا شكّ أنّ تغيّر اللّسان في ذلك الزّمان كان يسيراً, وأنّه لم يشتغل في ذلك الزّمان بعلم اللّغة وفنّ الأدب أحد من مشاهير العلماء المتبوعين المعتمد عليهم في التّقليد, لعدم مسيس الحاجة إلى ذلك في ذلك العصر كما أشار إلى ذلك أبو السّعادات ابن الأثير في ديباجة كتابه: ((النّهاية)) (٤) , وكما لا يخفي ذلك على من له أنس بعلم التّاريخ, فلو أوجبنا قراءة علم العربيّة في ذلك الزّمان على المجتهد لم نقتصر على أبي حنيفة, ولزم أن لا


(١) في (س): ((فدلّ على أنّ أبا .... )).
(٢) في (ي) و (س) وهامش (أ) , و ((العواصم)): (٢/ ٨٦): ((التسعين)) , وفي (أ) و (ت): ((السبعين)).
ولم أبق على ((التسعين)) لأنّه الصواب, وإنّما لأنّه كلام المؤلف -رحمه الله-, وقد ذكر المؤلّف في ((الأصل)): (٢/ ٨٦) أنه أخذ هذا عن أبي طالب ذكره في كتاب ((الأمالي)).

أقول: والصّواب أنّ أبا حنيفة لم يجاوز السبعين. قال الذهبي في الصحابة ... توفي ... في سنة خمسين ومائة. وله سبعون سنة)) اهـ.
(٣) في (أ): ((السنة))! وليست في (ي).
(٤) (١/ ٥).