وقال صاحب ((المحصول)) (١): ((الحقّ أنّه إن اعتقد حرمة الكذب قبلنا روايته, وإلا فلا, لأنّ اعتقاده حرمة الكذب يمنعه منه)).
الفائدة الثّالثة: في ذكر بعض حجج القابلين لهم والمخالفين في ذلك, أمّا القابلون لهم فلهم حجج:
الحجّة الأولى: الإجماع, وبيانه أنّ أهل الحديث وأهل السّنة قاطبة أجمعوا على صحة حديث ((الصّحيحن)) , مع أنّ في حديثهما ما هو مستند إلى المبتدعة: القدريّة والمرجئة وغيرهم, من غير ظهور متابعة, ولا استشهاد, ولا تصريح من البخاري ومسلم بأنّ المتأوّل غير مقبول عندهما, فيجب حملهما على معرفة متابعات وشواهد تقوّي حديث أولئك المبتدعة, ويجب الحكم بصحّة حديثهم لأجل تلك المتابعات والشّواهد, لا لأجل الثّقة لهم. هذا إجماع ظاهر من أهل السّنة.
وأمّا المعتزلة والشّيعة: فقد ذكرنا رواية ثقاتهم للإجماع على ذلك, وذكرنا إجماعهم على الرّجوع إلى ((الصّحيحين)) وغيرهما من كتب أهل السّنة, وبيّنا أنّهم يقبلون مراسيل من يقبل أهل التّأويل, وأنّه لا يمكنهم تمييز حديثهم من حديث أهل التّأويل عندهم ألبتّة.
فإن قيل: كيف نصغي إلى دعوى الإجماع, وقد علم وقوع الخلاف؟.
قلنا: ذلك يصحّ؛ لأنّ الإجماع المدّعى ليس بإجماع جميع