أقول: الجواب على هذه الجملة يظهر بذكر وجوه جمليّة ووجوه تفصيليّة.
أمّا الجمليّة:
فالأول منها أن نقول: ما مرادك بالأئمة هنا؟ هل الجميع أو البعض منهم؟ إن أردت البعض فقولهم ليس بحجّة, لا عند الزّيديّة, ولا عند أهل الحديث, وإنّما هم من جملة الثّقات الذين يجوز عند جميع المسلمين أن تعارض رواياتهم برواية من هو مثلهم أو فوقهم في الحفظ والصّدق, فإنّ كلّ ثقة يجوز وجود من هو مثله أو فوقه في باب الرّواية, ولم نعلم أحداً من مصنّفي الزّيديّة والمعتزلة جعل الخلافة, ولا نسب فاطمة -رضي الله عنها- من أسباب التّرجيح في الرّواية, على أنّ في ولد فاطمة رضي الله عنها الشّافعيّ والحنفيّ والمالكيّ والحنبليّ, كما أنّ فيهم الزّيديّ والإماميّ, وقد بيّنّا من قبل اختصاص أحاديث البخاريّ ومسلم بوجه من وجوه التّرجيح لا يوجد في غيرهما, وهو تلقّي الأمّة لأحاديثهما بالقبول, وبيّنّا أنّ أهل البيت وأئمة الزّيديّة من جملة من تلقّى أحاديثهما بالقبول.
وإن أردت الكلّ من الأئمة فما أردت أيضاً بتخصيصهم بالذّكر؟ هل توهّمت أنّهم هم جميع أهل البيت حتّى ينعقد بإجماعهم إجماع أهل البيت؟ فهذا وهم فاحش, فلم يقل أحد إنّ أهل البيت هم الخلفاء دون غيرهم, على أنّ القول بأنّ إجماع أهل البيت حجة مسألة خلاف بين أهل البيت, فإنّ فيهم من لا يقول بذلك -أعني الزّيديّة منهم- أمّا سائر الفرق فظاهر, فهؤلاء المعتزلة أقرب الفرق إلى الزّيديّة يخالف