للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل الآفاق لم يكونوا قد خبروا رسله إليهم على طريقة المتعنّتين في الخبرة, وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك من المفتي والمستفتي, والرّاوي والمرويّ له, والقاضي والمقضيّ عليه, ولم ينكر شيئاً من ذلك على أحد منهم. والعدالة شرط في صحّة الفتيا والرّواية والقضاء, وكذلك قد روى أبو الحسين في ((المعتمد)) (١) عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّهم كانوا يقبلون أحاديث الأعراب, فرحم الله امرءاً ترك التعمّق في الأمور, واقتدى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وبأصحابه خير أمّة أخرجت للنّاس -رضي الله عنهم أجمعين- وعلى التّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدّين.

قال: والضّابط في ذلك: أنّ ما صحّحه أئمتنا من ذلك فهو صحيح, وما ردّوه أو طعنوا في رواته؛ فهو مردود, مثل: خبر الرّؤية عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله, وإنّما كان ما ردّوه وجرحوا رواته مردوداً, ومن جرحوه مجروحاً (٢) /لوجهين:

أحدهما: أنّ أئمتنا عدول لصحّة اعتقادهم, واستقامة أعمالهم, والقطع أنّه إذا جرح الرّاوي جماعة عدول, فإنّ جرحهم مقبول؛ لأنّ الجارح مقدّم على المعدّل.

الثّاني: أنّها إذا تعارضت رواية العدل الذي ليس على بدعة ورواية المبتدع قدّمت رواية العدل الذي ليس على بدعة, وهذا مجمع عليه.


(١) (٢/ ٦).
(٢) كذا في الأصول و ((العواصم)): (٣/ ١٠٨) , وفي (س): ((ما ردوه مردوداً وجرحوا راويه مجروحاً)).