للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك بتقليد له, بل هو عمل بمقتضى ما أوجب الله تعالى من قبول أخبار الثقات, ولو كان مجرّد الاحتمال يقدح لطرحنا جميع أحاديث الثّقات لاحتمال الوهم والخطأ في الرّواية بالمعنى, بل احتمال تعمّد الكذب لا يمنع القبول مع ظنّ الصّدق, وقد ثبت عن عليّ - رضي الله عنه - أنّه كان إذا اتّهم الرّاوي حلّفه, فإذا حلف له صدّقه كما رواه الذّهبيّ في ((تذكرته)) (١) وحسّنه, والإمامان: المنصور في ((الصّفوة)) , وأبو طالب في ((المجزي)).

فهذا أمير المؤمنين عليّ - رضي الله عنه - مع سعة علمه, وقرب عهده, احتاج إلى الأخذ بحديث من يتّهمه ولا تطيب نفسه بقبوله إلا بعد يمينه, فكيف بأهل القرن التّاسع إذا تعنّتوا في الرّواة وقدحوا في حديث (٢) أئمة الأثر وتعرّضوا لإبطال ما صحّحه كبار الحفّاظ؟ أليس ذلك يؤدّي إلى محو آثار العلم, وسدّ أبواب الفقه, وطمس معالم الدّين؟.

وقد قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث الأعرابيّ في الشّهادة على هلال رمضان كما صحّحه الحاكم (٣) وغيره من حديث ابن عباس (٤). وتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه بعث الرّسل إلى الآفاق معلّمين ومبلّغين مع أنّ


(١) (١/ ١١).
(٢) سقطت من (س).
(٣) ((المستدرك)): (١/ ٤٢٤).
(٤) أخرجه أبو داود: (٢/ ٧٥٤) , والترمذي: (٣/ ٧٤) , والنسائي: (٤/ ١٣٢) , وابن ماجه (١/ ٥٢٩) , وغيرهم, وانظر في الكلام عليه: ((نصب الراية)): ... (٢/ ٤٤٣).