للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر في هذا الموضع ثلاثة أشياء احتجّ بها ولم يُعدها, فرأينا ذكرها في هذا الموضع:

الحجّة الأولى: خبر الأعرابي الذي بال في مسجد رسول الله (١) - صلى الله عليه وسلم - , قال المعترض: يلزم أنّه عدل.

والجواب من وجوه:

الأوّل: من أين صحّ للمعترض أنّه كان في عصره - صلى الله عليه وسلم - أعرابي بال في مسجده؟ فثبوت هذا مبني على صحّة طرق الحديث وقد شكّ في تعذّرها, فلو صحّت طرق هذا بطل الشّكّ, ومن البعيد أن يصحّ طريق هذا الحديث دون غيره, ومن المعلوم أنّ صحة البعض تستلزم بطلان الشّكّ في استحالة الكلّ.

الوجه الثاني: أنّا قد ذكرنا أنّ كلّ مسلم ممن عاصر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنّه عدل ما لم يعلم جرحه, وبيّنّا الحجج على هذا, وأنّه مذهب جلّة علماء (٢) الإسلام, وبيّنّا أنّه مما ادّعي فيه الإجماع, وهذا الأعرابي من جملة من دخل تحت عموم تلك الأدلّة, فيسأل المعترض: ما الموجب لتخصيصه بالذّكر؟ فإنّ الخصم ملتزم لعدالته, فيطالب بإبداء المانع منها.

فإن قال: إن بوله في المسجد يمنع العدالة لأنّه محرّم.

فالجواب عليه: /أنّ الجرح بذلك غير صحيح لأنّه لا دليل على


(١) تقدم تخريجه: (ص/٩٤).
(٢) سقطت من (س)!.