للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب: أنّ هذا وهم فاحش لا يجهله من له أدنى تمييز, فإنّ أبا موسى لم يقم معاوية بل خلعه, وكان يريد أن يقيم عبد الله بن عمر بن الخطاب, وكان قد واطأ عمرو بن العاص على ذلك على ما هو مبسوط في كتاب التّاريخ.

وقد اشتهر في كتب التّاريخ أنّ معاوية كتب إلى أبي موسى: ((أمّا بعد, فإنّ عمرو بن العاص قد بايعني على ما أريد, وأقسم بالله لئن بايعتني على الذي بايعني لأستعملنّ أحد ابنيك على الكوفة, والآخر على البصرة, ولا يغلق دونك باب, ولا تقضى دونك حاجة, وقد كتبت إليك بخطّي فاكتب إليّ بخطّ يدك)) فكتب إليه: ((أما بعد فإنك كتبت إليّ في جسيم الأمّة, فماذا أقول لربي إذ ما قدمت عليه, ليس لي في ما عرضت حاجة (١).

وهذا يدلّ على براءته من الجرأة على الله التي اجترأ المعترض على الله في غيبته بها. فقد كان متعبداً متزهداً صوّاماً قوّاماً, وقد تولّى البصرة فلم يخرج منها إلا بست مئة درهم, وكان خراجها عشرة آلاف ألف أربعمائة ألف. روى ذلك الذّهبي في ((النبلاء)) (٢) , وروى فيه (٣) عن الشّعبي (٤) [عن شقيق] (٥) عن حذيفة أنّه تكلم في أبي موسى بكلام


(١) أخرجه ابن سعد: (٤/ ١١١).
(٢) ((السير)): (٢/ ٣٩٨).
(٣) ((السير)): (٢/ ٣٩٣ - ٣٩٤).
(٤) كذا في الأصول! و ((العواصم)): (٣/ ٢٨٦)! وهو وهم من المصنّف -رحمه الله- وصوابه (الأعمش) , كما في ((السير)): (٢/ ٣٩٣) والمصنّف ينقل منه.
(٥) في ((الأصول)) بياض بمقدار كلمتين, والاستدراك من ((السير)): (٢/ ٣٩٣).