للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب والسّنة, فمنع صحّتهما عن اللّغويين والنّحويين, وصرّح بأنّ اتصال الرّواية الصّحيحة بهم متعذّر, هكذا أطلق القول بهذا, وجزم به, وقطعه عن الشّكّ.

ثمّ إنّه شكّك في قبول النّحويين واللّغويين على على تسليم صحّة الرّواية عنهم فقال: ((إن قبولها منهم على سبيل التّقليد لهم)) , ومنع من التّفسير بهذا الوجه, وهذا ما لم يقل به أحد ممّن يعتدّ به. وليت شعري كيف الاجتهاد في علم العربية (١)؟ وهل ثمّة طريق إليها إلاّ قبول الثّقات, مثل ما أنّه لا معنى للاجتهاد والخروج من التّقليد في قبول الحديث [إلاّ بقبول الثقات] (٢) , ومتى كان قبول الثّقات في اللّغة والحديث تقليداً محرّماً على المجتهد, فكيف السّبيل إلى الاجتهاد! إلاّ أن يبعث الله الموتى من العرب فيشافهوا العالم باللغّة, وكذلك يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - حتّى يأخذ العلماء الحديث عنه ويسلموا من تقليد الثّقات, وقد انعقد إجماع المسلمين على وجوب قبول الثّقات (٣) فيما لا يدخله النّظر, وليس في ذلك تقليداً بل عمل بمقتضى الأدلّة القاطعة الموجبة لقبول أخبار الآحاد, وهي محرّرة في موضعها من الفنّ الأصوليّ (٤).

ولم يخالف في هذا إلا شرذمة يسيرة, وهم: متكلّموا بغداد من


(١) في هامش (أ) و (ي): ((في نسخة: لغة العرب)).
(٢) ما بينهما من (س) , وبه يستقيم النصّ.
(٣) في (أ) و (ي): ((حديث الثقات)) وهو خطأ, والتصويب من (س).
(٤) انظر: ((الإحكام)) لابن حزم: (١/ ٩٦) , و ((شرح الكوكب المنير)): (٢/ ٣٦١ وما بعدها) , و)) إرشاد الفحول)): (ص/٤٨ - ٥٠).