للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن كان له أدنى تمييز عرف أنّ نقّاد الحديث وأئمة الأثر أعداء الحشويّة, وأكره النّاس لهذه الطائفة الغويّة, فإنّ الحشويّة إنّما سمّوا بذلك لأنّهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المرويّة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , أي: يدخلونها فيها وليست منها, رواه النّفيس العلوي عن نشوان بن سعيد الحميري (١) , وذكر ولده محمد بن نشوان (٢) في كتابه ((ضياء الحلوم)) (٣) ما يدلّ على ذلك فقال: ((إن الحشويّة سمّوا بذلك لكثرة قبولهم الأخبار من غير إنكار)).

فإذا عرفت هذا تبيّن لك أنّ المحدّثين [هم] (٤) الذين اختصّوا /بالذّبّ عن السّنن النّبويّة والمعارف الأثريّة, وحموا حماها من أكاذيب الحشويّة, وصنّفوا كتب الموضوعات, وناقشوا في دقائق الأوهام حفّاظ الثّقات, وعملوا في ذلك أعمالاً عظيمة, وقطعوا فيها أعماراً طويلة, وقسّموا الكلام فيه في أربعة فصول: (٥)

أحدها: معرفة العلل.

وثانيها: معرفة الرّجال.


(١) علامة باللغة, ت (٥٧٣هـ) انظر: ((إرشاد الأريب)): (١٩/ ٢١٨). و ((بغية الوعاة)): (٢/ ٣١٢).
(٢) ت (٦١٠هـ) انظر: ((هدية العارفين)): (٢/ ١٠٩) , و ((الأعلام)): (٧/ ١٢٣).
(٣) ((ضياء الحلوم في مختصر شمس العلوم)) للابن, واسم كتاب والده: ((شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم)) طبع بعضه, والكتاب ناقص من أوّله. انظر: ((كشف الظنون)): (ص/١٠٦١).
(٤) زيادة من (ي) و (س).
(٥) في هامش النسختين: ((فنون)) في نسخة, وكذا في (س).