للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وكلّ ما قدّر الرّحمن مفعول *

ونحو هذا مما لا سبيل إلى التقصّي عليه ممّا اشتهر بين المسلمين من غير نكير على المتعزّي به, فكيف أنكر المعترض ما لا يخفى!؟

فإن قال: إنّما أنكر ذلك لوقوعه من آدم - عليه السلام - جواباً على من لامه على الذّنب, والمذنب لا يجوز له أن يتسلّى بالقدر.

فالجواب: أنّ ذلك صحيح في حقّ المذنب, ولكن آدم - عليه السلام - تائب من الذّنب, والتّائب من الذّنب كمن لا ذنب له.

وعلى هذا الجواب بحث, وهو أن يقال: إنه لا يحسن من التّائب منّا أن يتسلّى بالقدر, بل المشروع من التّائب (١) أن يلوم نفسه ويتذكّر ما يهيج حزنه على ما فرط منه كما لم يزل عليه أهل الصّلاح.

فالجواب على هذا البحث: أنّ المبالغة في النّدم بعد التّوبة إنّما لزمتنا لبقاء توجّه التّكليف علينا, وأمّا آدم - عليه السلام - فإنّه ما تكلّم بهذا إلا بعد الخروج من دار التّكليف, ولا شكّ أنّه لا يلزم المكلّف في دار الآخرة أن يتأسّف على ما فرط منه, ولو كان ذلك لازماً في دار الآخرة؛ للزم في أهل الجنّة وحسن منهم ولا قائل بهذا, وهذا هو لباب الجواب في هذه المباحث, وقد اقتصرت على هذا ((المختصر)) وقد أودعت ((الأصل)) (٢) أكثر من هذا, ولولا لجاج الخصم الألدّ ما احتجنا إلى ذكر هذا ولا بعضه, نسأل الله السّلامة, ونرغب إليه في الاستقامة!.


(١) في نسخة ((للتائب)) كذا في هامش (أ) و (ي) وهو كذلك في (س).
(٢) (٨/ ٣٦٠ - ٣٦٨) , لكن في ((المختصر)) ما ليس في ((الأصل)).