للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولى: طريقة الأشعري: أنّ قدرة العبد غير مؤثّرة, وأمّا الأمر والنّهي؛ فلأنّ الله أجرى العادة بأنّ العبد متى اختار الطّاعة فإنّه تعالى يخلق الطّاعة فيه عقيب اختياره إيّاها, وكذلك إن اختار المعصية. وإذا كانت المكنة بهذا المعنى حاصلة لا جرم حسن الأمر والنّهي. إلى قوله: إذا كان الأمر كذلك؛ كان التّكليف والأمر والنّهي إنّما كان لأنّه [متمكّن] (١) من اختيار أحد مقدوريه دون الآخر, وإن لم يكن متمكناً من الإيجاد, لا يقال: ترجيحه أحد تعلّقي الإرادة على تعلّقها.

الثّاني: إن وقع بالعبد فقد اعترفتم بتأثير قدرة العبد, وإن وقع بالله فلا يكون ذلك التّرجيح مضافاً إلى العبدأصلاً, لأنّا نقول: إنّ ترجيح أحد التّعلّقين على الآخر ليس أمراً ثبوتياً أصلاً لا في حق الله تعالى, ولا في حق العبد حتّى يلزم من إسناده إلى العبد ما يلزم من الاعتراف بكون قدرته مؤثّرة, فإنّ ذلك لو كان أمراً ثبوتياً لكان وقوعه أيضاً بالاختيار فيلزم التّسلسل.

فهذا صريح منهم في كتبهم مبيّن (٢) معلّل لا يمكن تأويله, وقد أفصحوا بأن مذهب الجبريّة الخلّص أنّ العبد مختار, وأنّه إنّما يستحق الذّمّ والعقاب والأمر والنّهي بسوء اختياره, وبهذا يتخلّص (٣) من قول المعتزلة: إنّهم يجوّزون على الله العبث والقبيح والظلم لقولهم بخلق الأفعال, وهذا من وجه مثل قول الجاحظ وثمامة بن الأشرس: إنّه لا


(١) في (أ): ((ممكن)) , والمثبت من (ي) و (س).
(٢) في (س): ((معيّن)) ‍.
(٣) في (س): ((يتخلصون)).