للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّاع, ولا بد لي من الانخداع بداعية الطّباع. وقد قصدت وجه الله تعالى في الذّبّ عن السنن النبوية والقواعد الدينية, وليس يضرّني وقوف أهل المعرفة على مالي من التّقصير, ومعرفتهم أنّ باعي في هذا الميدان قصير, لاعترافي بأني لست من نقّاد هذا الشأن, لا من فرسان هذا الميدان. لكني لم أجد من الأصحاب من تصدّى لجواب هذه الرسالة, لما يجرّ إليه [ذلك] (١) من سوء القالة, فتصديت لذلك من غير إحسان ولا إعجاب, ومن عدم الماء تيمّم بالتراب, عالماً بأني وإن (٢) كنت باري قوسها ونبالها, وعنترة فوارسِها ونِزالها, فلن يخلو كلامي من الخطأ عند الانتقاد, ولا يصفو جوابي من الكدر عند النّقاد.

فالكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو: كلام الله الحكيم, وكلام من شهد بعصمته القرآن الكريم. وكلّ كلام بعد ذلك فله خطأ وصواب, وقشر ولباب. ولو أنّ العلماء رضي الله عنهم تركوا الذّبّ عن الحقّ خوفاً من كلام الخلق: لكانوا قد أضاعوا كثيراً, وخافوا حقيراً.

وأكثر ما يخاف الخائض في ذلك أن يكل حسامه في معترك المناظرة وينبو, ويعثر جواده في مجال المحاجة ويكبو, فالأمر في ذلك قريب: إن أخطأ فمن الذي عُصم, وإن خُطىء فمن الذي ما وُصِم؟.

والقاصد لوجه الله تعالى لا يخاف أن يُنقد عليه خلل في كلامه,


(١) من (ي) و (س).
(٢) إشارة في هامش (الأصل) و (ي) إلى أنه في نسخة: ((ولو)).