والإقدام على ما لم يتقن حفظه, والفرض أنّه عدل مأمون, وتهمة العدل المأمون بغير موجب محرّمة, وما استلزم المحرّم لا يكون مشروعاً.
ورابعها: أنّ الله تعالى إنّما اشترط في الشّاهد أن يكون ذا عدل, وكذلك الرّاوي, مع أنّه أصل, والمعدّل له فرع, والفرع لا يكون أعظم من أصله, ولا آكد, فكما أن العدل في الشّهادة والرّواية لا يجب عليه التّفصيل فيما يحتمله؛ فكذلك العدل لا يجب عليه ذلك في التّعديل.
فإن قلت: وكيف يحتمل التّفصيل في الشّهادة والرّواية؟
قلت: أمّا الشّهادة فإذا شهد بالمال لزيد سئل عن سبب اعتقاده لملك زيد للمال, فربّما استند اعتقاده لذلك إلى ما لا يدل على الملك / من: خبر ثقة, أو بيع باطل, أو غير ذلك, وهذا يجوز على الشّاهد الثّقة إذا لم يكن فقيهاً, ولا مخالطاً لأهل الفقه مخالطة كثيرة.
وأمّا الرّواية فقد يجوز في راوي الحديث أنه رواه باللّفظ أو بالمعنى, وقد يجوز فيمن روى بالمعنى أن يعتقد أنه روى بالمعنى (١) مع الخطأ الذي يدقّ على كثير, ونحو ذلك مما يدلّ على قبول الثّقة من غير تفصيل وإن احتمل التفصيل.
ومما يزيد ذلك وضوحاً: أنّ كلّ دليل دلّ على وجوب قبول أقوال العدول بمجرّد عدالتهم؛ فهو بعمومه يدلّ على قبولهم على
(١) ((أن يعتقد أنه روى بالمعنى)) سقط من (س).