للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتفق على إخراج حديثهم في ((الصّحيحين)) , وغيرهما كقتادة وغيره. وإذا ثبت ذلك؛ فكيف ينكر المعترض على المحدّثين, مذهباً قد روى الثّقة عنده أنّه قول الصّحابة, بل الذي روى أوسع من مذهب المحدّثين فإنّهم اقتصروا على قبول من رأى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , وأبو الحسين روى قبول الصّحابة لمن أسلم من الأعراب من غير تقييد لذلك برؤية النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقال النّواويّ/ - رضي الله عنه -: إنه قول من يعتبر به من الأمّة أو كما قال, ذكره في ((شرح مسلم)) (١) وهذه العبارة تفيد دعوى الإجماع. وقد روى الحفّاظ من فرسان علم الأثر ما يدلّ على كلام الشّيخ أبي الحسين.

فمن ذلك: ما روى معمر البصريّ عن أبي العوّام البصري قال: كتب عمر إلى موسى -وساق كتابه الطّويل في القضاء- وفيه من كلام عمر - رضي الله عنه -: ((والمسلمون عدول بعضهم على بعض في الشّهادات, إلا مجلوداً في حدّ, أو مجرّباً عليه شهادة الزّور, أو ظنيناً في ولاءٍ أو دية (٢). فإن الله تعالى تولّى من العباد السّرائر, وستر عليهم الحدود إلا بالبيّنات والأيمان)) وساق بقيّة كتابه, رواه البيهقي هكذا, ثم قال: ((وهذا [كتاب] (٣) معروف مشهور)) (٤).


(١) (١٥/ ١٤٩).
(٢) في جميع المصادر: ((أو قرابة)) بدلاً من ((دية)).
(٣) من (ي) و (س) , و ((معرفة السنن والآثار)).
(٤) ((معرفة السنن والآثار)): (٧/ ٣٦٦ - ٣٦٧) , وبقية كلامه: ((لا بدّ للقضاة من معرفته, والعمل به)) اهـ.
وأخرجه أيضاً في ((السنن الكبرى)): (١٠/ ١٥٠).
وقال شيخ الإسلام عن هذا الكتاب: ((ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء, وبنوا عليها واعتمدوا على ما فيها من الفقه, وأصول الفقه .. )) اهـ.
((منهاج السنة)): (٦/ ٧١).
وقال ابن قيم الجوزية في ((إعلام الموقعين)): (١/ ٨٦): ((وهذا كتاب جليل, تلقّاه العلماء بالقبول, وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة, والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه, وإلى تأمّله, والتّفقه فيه)) اهـ.
وأفرط ابن حزم فادّعى أنّ هذه الرسالة مكذوبة على عمر كما في ((المحلّى)): (١/ ٥٩) , وانظر ردّ الشيخ أحمد شاكر عليه في حاشية الصفحة نفسها.