للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصوص أئمة الحديث.

وأمّا الحجّة على ذلك من أنظار علماء الأصول فهي أن نقول: الجرح المبيّن السبب (١) إنّما قدّم على التّعديل لأنّه أرجح, إذ كان القريب في المعقول أنّ الجارح يطّلع على ما لم يطّلع عليه المعدّل, وفي قبوله حمل الجارح والمعدّل على السّلامة معاً, ولم يقل أحد: إنّ الجرح مقدّم لمناسبة طبيعيّة ذاتيّة بين اسم الجرح الذي حروفه الجيم والرّاء والحاء المهملة, وبين صدق /من ادّعاه, وحينئذ يظهر أنّ العبرة بالرّجحان الذي هو ثمرة التّرجيح, وإنّما هذا الذي أوجب تقديم الجرح في بعض الصّور, وهو نوع من التّرجيح أوجب الرّجحان, فإذا انقلب الرّجحان في بعض الصّور إلى جَنَبة التّعديل, وقامت على ذلك القرائن وترجّح ذلك في ظنّ النّاظر في التّعارض:

فإمّا أن يوجبوا عليه أن يقضي بالرّاجح عنده؛ فذاك الذي نقول, أو يوجبوا عليه العمل بالمرجوح عنده؛ فذلك خلاف المعقول والمنقول.

فتأمّل هذا الكلام فإنّه مفيد مانع من المسارعة إلى قبول الجرح من غير بصيرة, وإيّاك والاغترار بقول الأصوليين: إنّ الجرح المفسّر مقدّم, فإنّ الرّجال ما أرادوا إلا تلك الصّورة التي نظروا فيها إلى تجرّدها عن جميع الأمور إلا الجرح المفسّر والتّعديل الجملي, وهذه الصّورة لم يخالف فيها, وهم أعقل من أن يطردوا هذا القول لما يلزمهم من جرح أئمة الصّحابة والتّابعين بقول من أظهر الصّلاح من


(١) في (س): ((المسبب))!.